المهلة أمام الوسيط الأميركي والرد الإسرائيلي ليست مفتوحة.. لبنان سيتحرك بهذه الحالة!
حطيط لـ"أحوال": أسباب داخلية وخارجية تعيق إنجاز "الترسيم" في أيلول وثلاث سيناريوهات متوقعة
يلف الغموض ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، كما عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، وسط تكتم شديد على مجريات المفاوضات وحصيلة الاتصالات التي تجري بعيداً عن الأضواء والاعلام بين هوكشتاين ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب.
لكن وفق ما علم “أحوال” من جهات رسمية مواكبة للمفاوضات بملف ترسيم الحدود، فإن الاتصالات ستتكثف خلال ما تبقى من المهلة الفاصلة عن الأول من أيلول موعد بدء العدو الإسرائيلي استخراج الغاز من كاريش، وذلك بهدف التوصل الى حل لملف الحدود يرضي الجانبين اللبناني والإسرائيلي ويحتوي أي تصعيد محتمل على الحدود.
وتشير المعلومات أيضاً الى أن “الاتصال الأخير والمطوّل الذي حصل بين هوكشتاين ونائب رئيس مجلس النواب اللبناني، يعكس نوايا جدّية بالسعي لحل في أقرب وقت ممكن، كاشفة أن الوسيط الأميركي سيتواصل مع بوصعب الأسبوع المقبل لمتابعة المفاوضات للتوصل الى مقاربة موحدة في أول الشهر المقبل، كما أبلغ الوسيط بوصعب أنه على تواصل دائم مع المسؤولين الاسرائيليين ويناقش معهم المقترحات اللبنانية وسيأتي بالأجوبة قريباً وهو مستمر بوساطته حتى التوصل الى اتفاق.
إلا أن الجهات تنفي تحديد مهلة لتوقيع اتفاق الترسيم مع العدو الاسرائيلي، لكن المهلة غير مفتوحة، وفي حال تمادى العدو الاسرائيلي وبدأ باستخراج الغاز من كاريش قبل ترسيم الحدود وتلقي لبنان ضمانات أميركية – اوروبية بالسماح للشركات الاجنبية الثلاث باستمرار التنقيب على الغاز والنفط في البلوكات اللبنانية واستخراجه واستثماره، فإن لبنان سيتحرك على كافة الصعد وسيستخدم جميع الطرق المتاحة لتثبيت حقوقها السيادية والدفاع عنها بما فيها المقاومة المسلحة. وتشدد الجهات على أن موقف لبنان قوي وموحّد فيما العدو كان يراهن على تشتت وتشظي الموقف اللبناني.
الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية د. أمين حطيط يشير في حديث لـ”أحوال” الى أن “الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني يستمران بالمناورة والمماطلة والتسويف ولا يريدان الحل مع لبنان بهذه الشروط والمعادلة القائمة السياسية والعسكرية”، مستبعداً التوصل الى اتفاق حول ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي في الشهر المقبل لأسباب عدة:
أولاً: الحصار الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن ومعها القوى الغربية والخليجية على لبنان، وبالتالي أن أي حلّ لأزمة ترسيم الحدود سيمكن لبنان من استكمال أعمال التنقيب في جميع البلوكات اللبنانية واستخراج النفط والغاز بضمانات دولية، ما سيفتح باب الانفراج الاقتصادي ويفوت الفرصة على الاميركيين والإسرائيليين لحصد نتائج هذا الحصار الطويل لا سيما خلال الثلاث سنوات الماضية، وبالتالي يستغني لبنان عن وصفات رهن وبيع البلد عبر صندوق النقد الدولي، ويُسقط كل الشروط الاقتصادية والسياسية من تطبيع وتوطين ودمج النازحين السوريين ونزع سلاح حزب الله وتغيير موقع لبنان في الصراع مع إسرائيل ودوره في المنطقة.
الثاني: هناك أطراف سياسية داخلية تتلاقى مع رغبات ومصالح خارجية، بأن لا يسجل لعهد رئيس الجمهورية ميشال عون أي انجاز وطني كتوقيع اتفاق ترسيم الحدود، ولذلك التوجه الخارجي هو تزخيم الحصار الاقتصادي والمالية ومفاقمة الازمات الاجتماعية والمعيشية لانهاك العهد وإخراجه في أسوأ مظاهره وصوره والصاق كل الازمات والانهيارات به وإبراء ذمة القوى التي ساهمت بهذا الانهيار الكبير في البلد.
الثالث: أي اتفاق على الترسيم سيظهر أن المقاومة صاحبة الفضل والعنصر الأساسي في انجاز وفرض شروط لبنان على العدو بالقوة العسكرية، وبالتالي حصد النتائج الاقتصادية، ما يمنح المقاومة تأييداً شعبياً كبيراً ويظهرها على أنها ضمانة للمصالح اللبنانية ويعزز نظرية الحاجة الوطنية لسلاح المقاومة، ما يعطل سياسة الخارج بإظهار المقاومة عنصراً سلبياً في لبنان ومسؤولاً عن تدمير البلد، ما يدفع دول وحكومات وحركات مقاومة عدة الى استخدام أسلوب التهديد مع إسرائيل لاستعادة الحقوق.
الرابع: يراهن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية وإدارة البلد في مرحلة الفراغ الرئاسي المحتمل، لذلك لن يسير بترسيم الحدود ويغضب القوى الغربية لا سيما الولايات المتحدة، لذلك سيتماهى مع الرغبات الدولية بتعطيل أي اتفاق نفطي وغازي.
ما هي الخيارات المتاحة إذاً؟
وفق العميد حطيط فإنه إذا تمادى العدو واضطرت المقاومة لاستخدام سلاحها، فسنكون أمام أحد المسارات التالية:
*رضوخ الأميركيين والإسرائيليين للشروط اللبنانية مخافة تدحرج الأمور الى حرب عسكرية واسعة النطاق لا يريدها الإسرائيلي ولا الأميركي في ظل المتغيرات في المنطقة،
وبالتالي تقديم حلّ يرضى به لبنان قبل مطلع أيلول.
*تدخل المقاومة عسكرياً وتجميد العدو لأعمال التنقيب في الشهرين المقبلين وإعادة إطلاق التفاوض بعد الانتخابات الإسرائيلية في تشرين المقبل.
*مبادرة العدو للرد العسكري على تحرك المقاومة في حال تدخلها والمواجهة لأيام قتالية.
وإذ يستبعد حطيط السيناريو الثالث لعدم جهوزية جيش الاحتلال والجبهة الإسرائيلية الداخلية لحرب واسعة، يرجح أحد الخيارين الأول والثاني.
محمد حمية